كل المفترسات البرية حرام أكلها
قبل أن أدخل في الموضوع أتكلم أولا عن ظاهرة طبيعية من الله وهي الوراثة ، فالبشر وهم ينحدرون من أصل واحد آدم وزوجه تراهم يختلفون في ألوانهم وأشكالهم ، من اللون الأبيض إلى اللون الأسود ، ومن العينين الكبيرتين إلى العينين الصغيرتين ، ومن الواسعتين إلى الضيقتين ، وكل هذا جاء من تأثير الطبيعة ، فالذين يسكنون في إفريقيا ذات الحرارة المرتفعة مثلا تراهم يحملون اللون الأسود بينما الذين يسكنون في أوربا تراهم يحملون اللون الأبيض ، والذين يسكنون في آسيا مثلا ترى أعينهم ممددة وقامتهم قصيرة وهكذا ، فهذه الصفات والمميزات المكتسبة من الطبيعة أصبحت في المورثة ، وأصبحت تنتج بصفة آلية دون رجوع للطبيعة ، فالزوجين الذين يسكنان في آسيا ينجبان مثليهما حتى وإن أصبحا يسكنان في أوربا ، إلا أن يعود التفاعل مرة أخرى عكسيا عبر أجيال ، فالعوامل الطبيعية المكتسبة لديهما أصبحت جينا وراثيا فيهما ، ولنأخذ مثالا عن الألوان لتوضيح الصورة . فالذين يقضون صيفهم كاملا في البحر ، فبعد رجوعهم نرى أن بشرتهم قد تغير لونها فأصبح يميل إلى السواد ، أي أن الحرارة هي السبب في تغيير اللون ، فالذي يعيش في البادية ليس كالذي يعيش في المدينة ، والذي يمضى حياته يرعى الغنم في الصحراء ليس كالذي يمضى حياته يعمل في إدارة لا يتعرض للحرارة إلا نادرا ، والعصر الحالي يختلف كثيرا عن العصور القديمة التي كانت تعبر حقيقة عن تأثيرات الطبيعة والتي كان الإنسان يحتك فيها كثيرا بالطبيعة ، فإذا أخذنا زوجين من بشرة بيضاء ووضعناهما في بادية في الصحراء ليعيشا حياة بدائية وذلك لنتأكد من أن بشرتهما تبقى معرضة للحرارة لمدة طويلة ، ثم نتركهما يتناسلان جيلا بعد جيل ونعود إليهما بعد قرون ، فالذي نجده بإذن الله هو أن مجتمعهما أصبح مجتمعا أسود اللون ، ويحدث تغيير في المورثة حيث يصبح الأطفال يولدون سودا دون أن يتعرضوا للشمس ، وباختصار وكنتيجة فإن كثيرا من العوامل الخارجية المركبة عبر الأجيال تخزن وتحفظ في المورثات .
ــ الآن أعود إلى الموضوع
إن الله حرم علينا أنواعا من اللحوم وذكرها في قوله سبحانه ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق ) إن هذه المحرمات التي ذكرها الله تبقى محرمة سواء تناولها الإنسان على طبيعتها الأصلية أو حولها إلى مادة أخرى ، فالتحريم يتبعها كيف ما كانت الكيفية التي تصل بها إلى الإنسان .
إن الحيوانات المفترسة بشكل عام تعيش كلها على هذه المحرمات ، وذلك هو غذاؤها الأساسي الذي تعيش عليه ، فهي تقتل فرائسها وتأكل الميتات وما إلى ذلك من المحرمات ، فكل مأكولاتها محرمة ، وهذا هو عيشها الطبيعي عبر الأجيال ، إذن فجسمها ينمو على هذه المحرمات ، فكل جسمها ولحمها مشكل من تلك المحرمات ، وأصبح هذا في مورثتها الجينية تنجب دائما حيوانات ذات طبيعة محرمة حتى ولو عزلتها وأطعمتها الحشيش ، لذا فإن آكلات اللحوم البرية كلها محرمة ، سواء كانت مفترسات أرضية كالأسود والنمور والذئاب أو مفترسات طائرة كالنسور والصقور والعقبان والبوم وغيرها ، ويدخل ضمن هذا القطط والكلاب ذات الجين الوراثي للمحرمات .
الموضوع الذي يلي هذا أتكلم فيه بإذن الله عن الأسماك .
الكاتب : بنور صالح