[size=22 ]د ) أعطيك دليلا آخر بإذن الله ، ما هو مصدر التشريع الذي يحاسب الله الناس عنه يوم القيامة ؟
يجب أن نعرف ماذا ينتظرنا غدا ، فإن كان صحيحا ما قلته سابقا فيجب أن يكون متماشيا ومتناسقا مع الذي سيحدث غدا ، وهذا ما سنتعرف عليه بإذن الله .
إن الله ذكر القيامة كثيرا ، وذكر أهوالها ، وذكر ما يحدث فيها ، وذكر الأنبياء وحضورهم ، وذكر المؤمنين ، وذكر الكافرين ، وذكر الفاسقين ، وذكر الجن ، وذكر الفجار ، وذكر الشياطين ، وذكر الملائكة ، وذكر ما يقول هؤلاء وهؤلاء ، وذكر التراشق في الكلام ، وذكر أنواع التعذيب ، ذكر الأصنام ، وذكر الآباء ، الأولاد ، الأزواج ، ذكر الكثير من الأشياء ، ذكر ما يستحق الذكر ، وما لا يستحق ، وفي كل ما ذكر لا تجد أبدا أن الله ذكر [ السنة ] مصدر التشريع المصطنع ، بينما تجد كل هذه الأشياء التي ذكرتها ، وحتى القيامة بنفسها ، تجد كل هذا يدور حول شيء واحد ، وهو الآيات ، والآيات فقط ، كذبوا بالآيات ، لم يسمعوا الآيات ، جاءتهم الآيات ، فكل ما يسأل الناس عنه يوم القيامة ، وبشدة ، هو الآيات التي أنزلها الله عليهم ، لا شيء آخر يسألون عنه ، فلا تجد أبدا سؤالا عن ما أسموه بالسنة ، أبدا ، علما أن الأنبياء كلهم حاضرون ، والأمم كلها حاضرة أيضا ، فالكل يرى ما يجري ، والذي ستسأل عنه هذه الجموع ، هو الآيات فقط
نأخذ مقطعا من هذا المشهد ، والذي يخص هذه الأمة ، وتعالوا ننظر ماذا يكون موقف الرسول من هذه الأمة يوم القيامة ، فاسمع معي هذا الخبر الذي جاء من عند الله ، يقول الخبير العليم ( ... ويوم يعض الظالم على يديه ، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني ، وكان الشيطان للإنسان خذولا ، وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ... )
أنظر جيدا لهذا الخبر ، فقوله ( ويوم يعض الظالم على يديه ) فهذا الموقف يكون يوم القيامة ، وفي هذا اليوم سيتكلم الرسول ويقول ( يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) فقبل أن أتناول هذه النقطة ، أتكلم عن كلمة ( مهجورا ) والتي هي من الهجر ، فالهجر يدل أن هناك منطقتين ، حالتين ، مرحلتين ، مكانين ، المهم أن هناك وضعيتين ، مع ترتيبهما ، أي أن هناك أولى وهناك ثانية ، والهجر يدل على الرحيل من الوضعية الأولى إلى الثانية دون العودة إليها ، وهذه المعلومات أكيدة ولا جدال فيها ، فالوضعية الأولى هي المهجورة ، والشيء المهجور هنا معلوم وهو القرآن ، والوضعية الثانية هي التي يتم الهجر إليها ، وفي هذه الآية لم تعين ، لأن أي تشريع تسير عليه غير تشريع القرآن فاعلم أنك هجرت القرآن ، واعلم أنك من الذين يحق عليهم هذا القول ، والذين هجروا القرآن هم قوم النبي ، إذن لدينا كل المعلومات ، فلنطرح هذه المواصفات على شعوب العالم كلها لنعرف أي شعب تنطبق عليه هذه المواصفات ، ومن هم هؤلاء القوم ، ولنأخذ الهندوس مثلا ، هل هم الهندوس ؟ وهل هذه المواصفات تنطبق عليهم ، وهل كان الهندوس في يوم ما يتبعون تشريع القرآن ثم تركوه واتبعوا تشريعا آخر ، إذن فالهندوس غير معنيين ، ولنأخذ النصارى ، فهل هم النصارى ؟ كلا ، فالنصارى غير معنيين ، ولنأخذ اليهود ، فهل هم اليهود ؟ كلا ، فاليهود غير معنيين ، فالشعب الوحيد الذي يشار إليه بالأصبع والذي هو معني بهذه الآية هو الأمة الإسلامية ، فهي الوحيدة التي لها علاقة بالنبي ، وهي الوحيدة التي تنطبق عليها هذه المواصفات بحذافيرها ، إذن فلننظر في التشريع الذي جاء به القرآن ، ولننظر في التشريع الذي تعمل به الأمة الإسلامية ، فالأمة في واد والتشريع الذي أنزله الله في واد آخر تماما ، فالقرآن مهجور تماما ، وأنظر جيدا إلى شكوى الرسول من قومه ، فهل اشتكى من هجر السنة المصنوعة أم اشتكى من هجر القرآن ، ألا ترى أن المسلمين يشتكون من هجر السنة التي صنعوها ، فكيف لا يشتكي منها الرسول غدا يوم القيامة وهي التي يشتكي المسلمون من هجرها ، لماذا لم يشتكي من هذا المصدر إطلاقا واشتكى فقط من مصدر واحد وهو القرآن ، فالنبي كان على علم بأنه سيواجه قومه بهذا يوم القيامة ، لأن الخبر هذا نزل عليه في حياته ، وبالله عليك ، بماذا تظن أنه سينصحهم قبل وفاته ، هل سيركز نصحه على التمسك بالقرآن أم هي المقولة التي صنعوها شركا وكذبا عليه ، والتي طالما يرددونها قائلين [ تركت فيكم شيئين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي ] أنظر لهذا الشرك ، شرك كبير يقول به المسلمون لكنهم لا يشعرون ، تخيل شيخ قبيلة يقول لقومه قبل أن يسافر إلى مكان بعيد ، تركت لكم شيئين وهو ينتظر لقاءهم بعد السفر ، ثم يأتي الوقت الموعود فيأتون إليه ويلتقون به ، فماذا ينتظر منهم عند اللقاء ، ألا ينتظر منهم الشيئين ، وإذا كانت هذه مجرد قصة وصلتنا ، ثم علمنا بأن شيخ القبيلة كان يتحسر على شيء واحد لم يصل إليه ، فماذا يعني من القصة هذه ، فإما أن الشيء الثاني قد وصل إليه وبصحة جيدة ، أو أن الشيء الثاني ليست له أهمية فلا داعي لأن يوصيهم به قبل السفر ، وإما الشيء الثاني لم يكن موجودا أصلا منذ البداية ، ولنأخذ المقولة المكذوبة الآن ، فإذا كان النبي أوصى بشيئين فمن المفروض أن ينتظر هذا الشيئين عند اللقاء ، وبما أنه عند اللقاء كان يشتكي من فقدان شيء واحد وهو الكتاب ، فنصبح أمام خيارين ، إما أن الشيء الثاني قد وصل على أحسن وجه ، وبالتالي فلم يتحسر عليه ، أو أن الشيء الثاني لم يتركه أصلا منذ أن فارقهم ، وعندما نأتي للأرشيف لنبحث عن هذا الشيء ، فنبدأ البحث من بداية الإنسانية ونمر عبر الأمم ، أمة ، أمة ، ونبيا ، نبيا ، فلا نجد ولا نبيا واحدا ترك لأمته شيئين ، ولا نجد إلا شيئا واحدا كانوا يتركونه دائما لأقوامهم وهو الكتاب فقط ، ثم نأتي لكلام الله طولا وعرضا فلا نجد أيضا إلا شيئا واحدا الذي هو ذلك الكتاب ، ثم نأتي لجبريل الذي كان وسيطا بين الله وأنبيائه ، لننظر ماذا سلم جبريل للنبي ، فنجده لم يسلمه إلا شيئا واحدا الذي هو الكتاب ، ثم ننطلق في الأرشيف ليوم الحساب لننظر في كلام الملائكة عن ماذا يتحدثون ، فنجدهم يتكلمون عن شيء واحد الذي هو ذلك الكتاب ، ثم ننطلق في الأرشيف إلى اللوح المحفوظ ماذا مثبت عليه ، فنجد دائما إلا شيئا واحدا الذي هو ذلك الكتاب ، فأين ما تذهب ، فلا تجد إلا ذلك الكتاب ، وبالتالي فالحكم الذي يصدر نفسه ، والذي يقول حتما ورغما ، أن الناس كذبوا على الله ورسوله كما كذب الذين من قبلهم ، وأن المقولة السابقة لم يقل بها النبي أبدا ، وأنها من صنعهم ، وأن مصدر التشريع في دين الله لا يوجد إلا واحد هو [ ما أنزل الله ] فقط .
ــ أعطيك دليل آخر وهو عبارة عن قاعدة ، [ شرع الله واحد ومحدد ، ومصادر الشرك تتعدد وتتمدد ]
يا أخي المؤمن ، خذ مني هذه القاعدة بإذن الله [[ شرع الله واحد ومحدد ، ومصادر الشرك تتعدد وتتمدد ]] هذه هي القاعدة المحاطة بين قوسين ، وأعطيك التوضيح ، فليعلم أخي أن مصدر التشريع في الدين أولا يأتي من عند الله ، وعندما يأتي من عنده يجعل له بداية ، وعندما ينهي الله ذلك التشريع المنزل يقوم بختمه ، أي يغلقه ، ويبين ذلك للجميع بأن التشريع انتهى ، فيصبح التشريع المنزل تشريع واحد ومحدد تماما ، وبعد ذلك فلا يحق ، ولا يجوز ، إضافة أي شيء ، ولو كلمة ، فالمصدر إذن يكون دائما واحد ومحدد ، معلوم تماما ، وذلك هو نوع الكتب التي أنزلها الله .
لنأت الآن إلى مصادر الشرك ، فخذ أي مصدر للشرك ، فإنه دائما يتعدد ويتمدد ، فالذين يصنعون صنما
يتعدد مع الوقت فيصبح أصناما ، ثم يتمدد مع الوقت فتدخل الأشجار والجبال والكواكب وغيرها ، وخذ أي مصدر للشرك فإنك تجد فيه هذه القاعدة ، تجده يتعدد ويتمدد ، وبالتالي لا يمكن أن يكون محدودا أبدا ، ويتمدد من جيل لجيل ، ومن مكان لآخر ، ومن زمان لآخر ، فإن صفة التعدد والتمدد تلازمه دائما ، لنأت الآن إلى المصدر الذي صنعه الناس وأسموه بالسنة ، وأنظر إلى مقولة التمدد التي صنعوها دون أن يشعروا بما قالوا ودون أن يعلموا بأن مصادر الشرك تتعدد وتتمدد ، فانظر إلى المقولة التالية :
[ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ] فانظر إلى الشرك كيف يتعدد ويتمدد ، فلو أخذنا 10 خلفاء تتعدد مصادر الشرك وتعدد إلى عشرة مصادر ، ولو أخذنا عشرين تتعدد إلى عشرين ، والقائمة مفتوحة ، والمصادر هذه تتقلص أحيانا لتصل مصنفين أو ثلاثا أو أربعا وتتمدد أحيانا أخرى لتصل إلى أعداد من المصنفات ، ناهيك على أن لكل طائفة مصادرها الخاصة بها ، فهذا تمدد من طائفة لأخرى ، فمصادر السنيين مثلا غير مصادر الشيعة ، ثم داخل هذه الطوائف الكبيرة توجد الطوائف الصغيرة والتي لها منحنيات بمصادر تخصها ، فانظر إلى مصادر الشرك التي أسموها بالسنة ، فهل تجد لها بداية ، وهل تجد لها نهاية ، متى بدأت ، ومتى تنتهي ، ونحن الآن في 2007 ولا يزالون يمددون مصادر شركهم هذه ، يدخلون تشريعات ويخرجون أخرى ، فهذه المصادر غير معلومة تماما ، لا من ناحية البداية ، ولا من ناحية النهاية ، ولا من ناحية المحتوى ، فهي تتنكر من كل جانب ، وليس هذا من صفات مصادر التشريع للعباد ، ولا من صفات مصادر التشريع في دين الله ، ولا من صفات التشريع الذي أنزله الله ، فالناس الآن تمشي مفقودة البصر .[/size]